الكاتبة : سهير جرادات
المواطن هو الوطن .. وعندما نتحدث عن المواطن، فإننا نتحدث عن المكون الأساس للوطن؛ لأن من مقومات الوطن: ( أرض وشعب ).. وبما أن الوطن لا يستوي دون شعب، لذا يجب الحفاظ على الشعب حتى يبقى الوطن، فالشعوب هي عماد الأوطان .. ولا توجد دولة من غير شعب .. والشعوب هي التي تعيش في الدولة ، وصاحبة جميع مؤسسات الوطن وثرواته، ارتباطها بالأوطان يعني ارتباطها بالتاريخ، والعرق، والأصل، والثقافات، والعادات ..
ونظرا لتداعيات جائحة كورونا التي ما زلنا نعيش تطوراتها الصحية ، ولم نصل بعد الى التأزيم الاقتصادي ، وهي الأشد وطأة ليس علينا فقط، وإنما على العالم بأسره ،مما أوصل المواطن كنتيجة حتمية لذلك إلى حالة من الإختناق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ووو..
بعد تفاقم حالة الاختناق التي يعانيها المواطن ، الذي فقد الأمل في أن يسمع شكواه أحد ، بعد أن غابت أسس الحوار ، وضاعت حقوقه وفرصه في العيش الكريم من قبل ثلة (مَحْظيَّة ) استحوذت على كل شيء من باب الفساد والشللية ، وبعيدا عن الفتنة الداخلية والخارجية، والأيدي الخفية التي تحاول أن تعبث بأمننا واستقرارنا كما يدور حديث مجتزأ غير مفهوم!!! لم يجد المواطن الذين تملكه اليأس والإحباط سوى اللجوء للشارع الذي يشهد حالة من الغليان؛ رفضا للتغول على الحقوق أو للشعور بالظلم الذي لحق بفئات وشرائح كبيرة.
وجد المواطن أنه مُحرم عليه حتى حق أخذ الشهيق والزفير، ولم يجد مساحة توفر له النَّفس وحق التعبير عن النفس ، ونظرا لوصول المواطن إلى حالة حرجة ، بعد أن أصبح بحاجة ماسة للنفس ، بات من الضرورة إدخاله وحدة العناية المركزية ، أو “غرفة الاحتضار” كما تسمى عند بعضهم، والتي تشتهر باسم ( الإنعاش ) ، وفيما لو فصلنا بين حروفها لأصبحت قراءتها على النحو الآتي : ( إن– عاش)!!!!!!!!!!!!!
وفي محاولة لمساعدته على التنفس ، تم وضع الكِمامة الطبية ( القناع ) على أنفه ، ووصل ( الأنبوب ) بإسطوانات الأوكسجين ، وكونه شعبا ( محظوظا) يحيط به الفساد والترهل الإداري ، تملك المواطن الرعب من أن الخزانات لم يتم تزويدها بالاوكسجين ، فيجد بانتظاره الموت خنقا، بعد أن هرب من الاختناقات الثلاثة التي يعانيها ..
ولعدم قدرة المواطن على الاستمرار بأخذ النَّفس بطريقة طبيعية ، أو حتى حق التعبير عن النفس ، في محاولة لإنقاذه تقرر إجراء تدخل جراحي لفتح ثقب في أسفل البلعوم لتوصيل” بربيش” بجهاز التنفس ، وفي أغلب الأحيان لا ينجو منها المريض رغم هذا التدخل الطارئ والسريع والآخير في محاولة للإبقاء على حياته ، إلا أنه في الغالب ستفقد الأعضاء حيويتها رويدا رويدا، وسينتظر المواطن ساعة الصفر والرحيل، لتظهر عليه علامات الاحتضار، وهي مرحلة تسبق الموت.. وعندها لا يستطيع المواطن تخطي غرفة ( الإنعاش ) ، ليبقى في دائرة ترقب نتائج مقولة:( إن –عاش)!!!!!!!!!!!!!
ينحصر مصير المواطن الذي يعني الوطن ، بين الموت من ( الجوع والقهر والظلم وقلة التعبير ) ، أو الموت من (قلة النَّفس والتعبير عن نفسه )، واصبح أمام أمر واقع أنه يوجد في غرفة ( الإنعاش ) يعيش على أجهزة التنفس ، ويقف وحيدا في صراعه مع مقاومة الاختناقات التي يعانيها .. ولأن الأوطان لا تموت ويجب أن لا تموت ولن تموت .. بات جليا أن المواطن سيقاوم مقولة: (إن – عاش )، وليتخطى غرفة (الإنعاش ) ، ويعود إلى الشارع مجددا ، ليتنفس الصعداء ، ويحصل على الهواء النقي الذي يبحث عنه ، ويستحقه .. ويرفع راية ..عاش الوطن لمواطنيه الأوفياء ..
البريد الالكتروني للكاتبة : [email protected]
المصدرقناة العرب تيفي