محمد مجاهد
ونحن نواصل اﻷمل في تقدم القطاع السينمائي الوطني ، و نحن نواصل البحث في ممر سليم نصل به ما سبقنا إليه اﻵخرون ، نتفاجأ في كل مرة تنفسنا فيه صعداء هذا الفن الحياتي اﻹنساني النبيل بمن يلوح أمامنا بحجرة عثراء ، فنضل الطريق و يغيب أثر الممر و نعود أدراجنا لا نلوي على شيء سوى معاودة الكرة في خلق اﻷمل و البحث عن بصيص ممر جديد .
متى تغيب الخلافات الفارغة ؟ و متى نجد من يسير بنا إلى بر أمان السينما و إلى أعلى المنصة ؟
تعد السينما اليوم وجه الشعوب و المجتمعات ، و قد حظيت لدى العارفين بمكانتها عند اﻵخرين باهتمام كفيل بجعلها حياة إنسانية ، و نحن نعلم ذلك و نطرحه على طاولات اللقاءات و الندوات ، لكن سرعان ما يغيب عند الموكول له أمر خط القرار .
إن السينما اليوم لم تعد ذلك الفن الفرجوي تارة و أخرى سلبيا مؤثرا ،و لكن هو تلك الحياة التي من خلالها يعيش اﻹنسان تواصله الكوني الذي لا حدود له . لذلك وجب أن نهيء له اﻹدارة التي تتماشى و مصلحته في التطور و التقدم و الازدهار ، شأنه في ذلك شأن حياتنا اﻷصل ، إن الحقل السينمائي اليوم في حاجة ﻹدارة متمكنة تعمل على خلق البرنامج الكفيل الذي يحف الحقل داخليا و خارجيا ، وهو ليس في حاجة لمن يدير شأنه وفق برامج تقريرية مهيأة بغية تحقيق المصلحة اﻷخرى ، ﻷن السينما لا تحتاج تصفيقا ولا تهليلا بقدر ما تحتاج تجديد السبل و فتحها أمام فاعليها . و هكذا لابد من إدارة الحقل السينمائي أن تستمد قوتها من السينما نفسها ، و لا يمكن الاعتماد على البعيد في تسيير شؤونها ﻷنه سوف لن يفهم المعنى الحقيقي للسينما .
إننا نفهم اﻵن أن اﻹدارة السينمائية هي جزء لا يتجزأ عن الجسم السينمائي ، فهي أطرافه التي يشتغل بها قلب و عقل السينما ، و إذا كانت الإدارة كذلك فالقلب و العقل لا يمكن أن يكونا سوى الفاعلين من مؤلفين و مخرجين و ممثلين و منتجين .
لهذا لابد أن نجعل من علاقة اﻹدارة السينمائية بالسينما علاقة منسجمة تبرز من خلال ما يتقرر من برامج حقيقية ،تهذف إلى التكامل و الوصول بالميدان لا إلى عرقلة مسيرته و الوقوف به عند وسط العقبة . لابد إذن أن نشير إلى شيء مهم تعمه رغبتنا اﻷكيدة في إعادة النظر في الموظف اﻹداري داخل السينما ، لابد لهذا اﻷخير أن تكون لديه ثقافة سينمائية / بل لابد أن يكون سينمائيا حتى و إن لم يكن ممارسا . عليه أن يتعرف على السينما و ما تحتاجه ، عليه أن يخدم الحقل بما يقويه ،لذلك وجب عليه أن يكون منتميا إليه حتى يحس بالنتيجة اﻹجابية في تسييره .
إن الموظف الذي يأتي من خارج الميدان ، أو الذي توكل له تسيير الشأن السينمائي لا يمكنه خدمة المصلحة الفنية / السينمائية بأي شكل من اﻷشكال ﻷنه و بكل بساطة لا يعرف القيمة الحياتية لميدان اشتغاله ، فيختلط عليه اﻷمر ،ليفكر فقط في ما يهدف إليه من ملء خزينة المصلحة أو الخروج بقرارات المنع و عرقلة عمليات الحصول على الرخص و تعقيد ملف الدعم و النظرة الدونية إلى المهرجانات و اللقاءات الفنية التي تنظمها الجمعيات و اﻷندية السينمائية حيث يجعلها ضمن خانة فارغة ، لكونه لا يعرف ما يمكن أن يعطيه المهرجان للميدان السينمائي من دفعات التطور و الازدهار .
إننا لا نتهم أحدا من موظفي إدارة سينمانا الوطنية في أي مكتب كان ، و نحن نعلم جيدا أن معظمهم سينمائيون أو محبون للسينما ، لكن نذكرهم بلزومهم اﻷكيد بربط عملهم اﻹداري بما يمكننا من رسم الطريق الصحيح و الحصول على الميزة العالمية المشرفة .
المصدرقناة العرب تيفي