الكاتب : محمد بلغريب
قناة العرب المغربية – الرباط – تتواصل التحقيقات لتحديد ملابسات المأساة التي أودت بحياة 28 شخصا في مصنع نسيج في قبو فيلا بمدينة طنجة شمال المغرب، بعدما غمرته مياه الأمطار، بينما ما زالت عدة أسئلة أثارها الحادث عالقة.
خلفت الحادث صدمة واستياء، فضلا عن تساؤلات حول مدى احترام شروط السلامة داخل أماكن العمل والصرامة في تطبيق القوانين. كما أعاد إلى واجهة النقاش العمومي إشكالية الاقتصاد غير المنظم الذي يمثل نحو ثلث الناتج الداخلي الخام في المملكة، بحسب تقرير حديث للمصرف المركزي.
لم تصدر السلطات حتى عصر الأربعاء سوى بيان وحيد وصف المعمل الذي وقعت فيه الكارثة بأنه “سري”، ما أثار ردود فعل مستغربة حول كيف أمكن وجوده دون علمها.
لكن حقيقة الوضع القانوني لهذا المعمل الواقع في حي سكني “سيكشفها التحقيق” .
وكان رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أكد في رسالة تعزية لأسر الضحايا أنه “سيتم تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات اللازمة، فهناك مغاربة أزهقت أرواحهم ولا يمكن المرور على ما وقع مرور الكرام”.
وأشار المصدر الأمني أيضا إلى أن صاحب المعمل “سيتم الاستماع إليه بمجرد استقرار حالته الصحية إذ ما زال في الإنعاش الطبي”.
لكن شقيقته أكدت في تصريح لموقع إخباري محلي أن “المعمل قانوني يؤدي الضرائب ومستحقات العمال لدى مصلحة الضمان الاجتماعي”، وأدانت ما اعتبرته “محاولة لإبعاد المسؤولية عن الدولة، أخي ليس مسؤولا عن تسرب مياه الأمطار بسبب انعدام وسائل صرفها”.
من جهته أكد عضو في الفرع المحلي للجمعية المغربية لمصنعي النسيج لوكالة فرانس برس “أن المعمل قانوني ولديه سجل تجاري”، مشيرا إلى أن “هذا النوع من معامل القرب موجودة بالمئات في طنجة وتعيش منها آلاف الأسر. لا أظن أنها خارج القانون بما أنها تعمل لحساب علامات تجارية عالمية”.
وأضاف المتحدث مفضلا عدم ذكر اسمه “لا يجب أن نغطي الشمس بالغربال، مسؤولية ما حدث تعود إلى البنية التحتية المهترئة، يجب مساءلة المسؤولين عن قنوات صرف مياه الأمطار”.
في سياق متصل، نقل الموقع الإخباري “ميديا24” عن رئيس لجنة التعمير في بلدية طنجة أحمد الطلحي قوله إن المنطقة “السكنية التي وقع فيها الحادث بنيت قرب مجرى واد، وهذا ممنوع أصلا”.
من جهته قال المحامي والناشط الحقوقي بطنجة عبد العزيز الجناتي لوكالة فرانس برس “إذا كانت مثل هذه المعامل غير مرخصا لها فهذه جريمة، لكنها أيضا جريمة إذا كانت لديها تراخيص لأنها لا تحترم شروط الإنتاج الصناعي ولا توجد في مناطق صناعية”.
على صعيد أخر كانت تقارير مختلفة نبهت للاختلالات التي تعانيها معامل النسيج. وأدانت نقابة الكنفدرالية الديموقراطية للشغل في بيان الثلاثاء “عدم توفر شروط العمل اللائق وحماية صحة وسلامة العمال … وتنامي الوحدات الإنتاجية خارج القانون … والتهرب الضريبي”.
في العام 2012 أطلقت الجمعية الاسبانية “سيتيم” حملة تحت شعار “ملابس نظيفة”، ضد علامات الأزياء الاسبانية التي كانت تشغل في سنوات الألفين عاملات وعمالا في مصانع مناولة بمدينة طنجة.
كما أعاد الحادث إلى الواجهة إشكالية الاقتصاد غير المنظم في المغرب، خصوصا في قطاع النسيج الذي تصنع نحو 54 بالمئة من منتجاته في معامل “لا تحترم المعايير القانونية”، وفق دراسة لنقابة رجال الأعمال (اتحاد مقاولات المغرب) نشرت عام 2018.
وسبق أن نقلت القناة الأولى الحكومية عن أحد مهنيي القطاع قوله في ريبورتاج بثته عام 2019 أن “90 بالمئة من هذه المصانع تعمل خارج القانون في أقبية مبان سكنية بمساحات لا تتجاوز 120 مترا مربعا لنحو 40 عاملا، دون التصريح بهم لدى الضمان الاجتماعي ودون توفير وسائل حماية من الحرائق”.
وقع الحادث صباح الاثنين عندما غمرت مياه الأمطار الغزيرة “على نحو مفاجئ الفضاء المغلق حيث وجد الضحايا أنفسهم محاصرين بدون أي منفذ إغاثة، ما أدى إلى وفاتهم غرقا”، وفق ما أوضح القائد الجهوي للوقاية المدنية في طنجة عبد الرحيم قباج للقناة الثانية الحكومية.
المصدرقناة العرب المغربية