محمد بلغريب
(قناة العرب تيفي ) – قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم السبت، إن بلاده منفتحة على أي مبادرة لتجاوز الأزمة مع الجارة المغرب.
وكان تبون يرد في مقابلة مع قناة “فرانس 24” الحكومية الفرنسية على سؤال بشأن العلاقات مع المغرب.
وسئل الرئيس الجزائري عن معلومات متداولة بشأن قرار بلاده بإنشاء قاعدتين عسكريتين على الحدود مع المغرب ردا على مشروع مماثل من الرباط، فرد “لا أؤكد ولا أنفي ذلك”.
وأضاف “ليس لدينا أي مشكل مع إخوتنا المغاربة، ويبدو أنهم هم من لديهم مشكلة معنا”.
وتابع مؤكدا “إذا كانت هناك مبادرة من الإخوة المغاربة لتجاوز التوتر، سنرحب بها بالتأكيد، وأظن أنهم يمكنهم إطلاق هذه المبادرة لإنهاء هذه المشاكل”.
وعن مستقبل العلاقات قال تبون “لحد الآن التوتر ما زال لفظيا، ونرى أن الأشقاء المغاربة مروا إلى مرحلة أخرى، ونتمنى أن تتوقف الأمور عند هذا الحد (..) صوت العقل كان دائما الأعلى في علاقات البلدين”.
وفي دجنبر 2019، أرسل العاهل المغربي محمد السادس برقية تهنئة إلى تبون بتوليه منصبه رئيسا للجزائر، ودعاه فيها إلى فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين.
وخلال الأسابيع الماضية، تجددت توترات سياسية ودبلوماسية بين الجزائر والمغرب، على خلفية تصريح لدبلوماسي مغربي وصف الجزائر بأنه “بلد عدو”.
ومنذ عقود، تشهد العلاقات الجزائرية المغربية انسدادا على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ 1994، وقضية إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة “البوليساريو”.
وتقترح الرباط حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تدعو “البوليساريو” إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من لاجئي الإقليم.
التعديل الدستوري
وفيما يتعلق بتعديل الدستور، أعلن تبون رغبته في إجراء استفتاء حول التعديل نهاية شتنبر القادم، بعد تأجيله بسبب أزمة فيروس كورونا.
وفي 8 يناير الماضي، كلف تبون لجنة خبراء مكونة من 17 عضوا، بقيادة الخبير الدستوري الدولي أحمد لعرابة، بإعداد مسودة دستور جديد، خلال 3 أشهر كحد أقصى.
وبعدها، أعلنت الرئاسة تأجيل النقاش بشأن التعديلات بسبب وباء كورونا حتى ماي الماضي، عندما تم طرح مسودة تعديل الدستور التي أعدتها اللجنة، للنقاش قبل تحويلها إلى البرلمان لبحثها، وحال الموافقة تُطرح في استفتاء شعبي للتصويت.
وتتضمن المسودة اقتراحات عديدة، أهمها استحداث منصب نائب للرئيس، وتوسيع صلاحيات رئيس الحكومة، ورفع الحظر عن تنفيذ الجيش عمليات خارج الحدود للمرة الأولى.
وبحسب تبون تصريحاته اليوم، فإن الروزنامة التي كانت مطروحة، هي إجراء الاستفتاء نهاية يونيو/ حزيران، لكن الوضع الصحي حال دون ذلك.
وأوضح أنه رغم ذلك، فالنقاشات بشان مسودة الدستور تواصلت، وتلقينا ألفي اقتراح من الطبقة السياسية والمجتمع المدني، تخص إضافات وحذف وتعديل مواد كثيرة، وإذا تراجع الوباء فسيكون الاستفتاء نهاية سبتمتبر أو بداية أكتوبر.
وكشف تبون أن “لجنة خبراء القانون شرعت في دراسة المقترحات التي وصلت الرئاسة لتقديم النسخة النهائية، وقد نوسعها لشخصيات أخرى من خبراء الدستور، ولا مانع أن يكون هناك شخصيات مختصة من الحراك الشعبي”.
كما فتح تبون الباب أمام صدور قرارات عفو عمن تسميهم المعارضة “معتقلي الحراك الشعبي”، وقال إن “ذلك ممكن، لأننا نريد الذهاب نحو مناخ تهدئة في البلاد”.
التضييق على الحريات
نفى الرئيس الجزائري خلال المقابلة أن يكون في بلاده أي نوع من أنواع التضييق على الحريات، مشيرا بالقول “ليس هناك تضييق على حرية التعبير في الجزائر بل على سلوكيات الشتم والتحريض التي يعاقب عليها القانون”.
وأوضح تبون أنه مستعد للعفو عن قائمة جديدة من المساجين في بلاده، قائلا “كلما استحق الأمر يمكن أن أعفو عن آخرين”.
وأضاف الرئيس الجزائري “كرئيس للجمهورية سأطبق صلاحياتي فيما يتعلق بالعفو عن المساجين كلما كان ذلك ضروريا”.
الأزمة الليبية
وعلى صعيد الأزمة الليبية، حذر الرئيس الجزائري من انزلاقها إلى النموذج الصومالي إن استمر الاقتتال الداخلي، مجددا استعداد بلاده لاستضافة الحوار بين الفرقاء الليبيين.
وقال تبون “الأمور في ليبيا قد تنزلق إلى ما يتجاوز النموذج السوري أو ما يحدث في سوريا حاليا، إذا لم يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار ووضع أسس لإعادة بناء الدولة على أسس الشرعية الشعبية”.
وأضاف “نفس الفاعلين ونفس المناهج المتبعة في سورية موجودة في ليبيا، ومن حسن الحظ أن القبائل تحلت بالحكمة عكس ما يظنه الكثيرون، المرتزقة هم من ارتكبوا الانتهاكات”.
وتابع الرئيس الجزائري قائلا “لقد طفح الكيل، والقبائل ستبدأ بالدفاع عن نفسها وتسليح نفسها، وحينها لن يكون الحديث عن النموذج السوري بل النموذج الصومالي، ولا يمكن لأحد فعل أي شيء….البلد يمكن أن يتحول إلى ملاذ للإرهابيين والجميع سيرسل إرهابيه إلى ليبيا حتى يطهر بلده”.
وذكر تبون أن الجزائر تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء في ليبيا، مشيرا إلى أن رؤية بلاده لحل الأزمة الليبية تتوافق مع فرنسا وإيطاليا، وأن الكر والفر بين الجيوش ليس هو الحل النهائي.
واستطرد بالقول “الحل النهائي يتطلب استشارة الشعب الليبي من خلال تنظيماته كالقبائل مثلا، وتنظيم الانتخابات لمؤسسات تضم كل مكونات الشعب الليبي….إذا طلبوا منا، فالجزائر على استعداد لاستضافة الحوار الليبي-الليبي”.
العلاقة مع فرنسا
ونوه تبون إلى أن اعتذار فرنسا عن جرائمها الاستعمارية في الجزائر سيساهم في تلطيف العلاقات بين البلدين.
كما أبدى الرئيس الجزائري ارتياحه من التعامل مع نظيره الفرنسي، قائلا “مع الرئيس ماكرون يمكن التقدم كثيرا في ملف الذاكرة”، في إشارة منه لاعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية ببلاده بحسب ما تطالب به الجزائر منذ سنوات.
وأكد تبون في الحوار أنه “يتم التحضير لزيارة إلى فرنسا وأخرى مماثلة للرئيس الفرنسي إلى الجزائر لولا أجندتنا المكثفة”.
كما نفى الرئيس الجزائري، دعمه العهدة الخامسة التي ترشح فيها المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، قائلا “استغربت حينما تم ترشيحه لأنني كنت على إطلاع على وضعه الصحي الذي لم يكن يسمح له بقيادة البلاد ولم أدعم بأي شكل من الأشكال تلك العهدة، وقتها كنت في بيتي”.
المصدرقناة العرب تيفي - وكالات