قناة العرب تيفي المغربية
(قناة العرب تيفي المغربية) – مدينة مولاي إدريس زرهون، هي أول عاصمة إدارية للدولة المغربية، ظلت منسية ولا تحضى بما تستحقه من عناية على الأقل كمدينة محسوبة على المدن العتيقة بل أن حتى هذه الصفة لم تشفع لها للاستفادة مما يرصد للمدن العتيقة من برامج واعتمادات لتنميتها والحفاظ على هويتها وأصالتها المعمارية. بل ان الذي حدث وياللاسف هو اقبار بعض معالمها المعمارية المميزة كالأقواس التي تم هدمها ببشاعة ودون أدنى مبرر كالساحة المجاورة للضريح التي تم تغيير معالمها القديمة بشكل جدري تم فيها محو آثار “رحبة” بيع الحبوب و”قاعة” بيع الزيوت و”فندق” بيع الخضر وغيرها من المعالم وبالأخص الأقواس، هذه المعالم كانت تشكل مجتمعة بنية اقتصادية متجانسة بشكل انسيابي يلتقي فيه سكان الحاضرة بسكان البوادي المحيطة بها بشكل يومي جزئيا وبشكل كامل في إطار السوق الأسبوعي أي يوم السبت، واستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن حلت أزمة كوفيد 19 وتم إعلان حالة الطوارئ الصحية حيث استفاق الكل ليتفقوا على ضرورة نقل السوق إلى هامش المدينة لأنها لم تعد قادرة على الاستمرار في هذا الوضع الذي يخنق المدينة ويكبلها ويجعلها رهينة بسوق عشوائي يكثم أنفاسها كل أسبوع ويجعل مصالحها البلدية تجتر مخلفاته طيلة الأسبوع لتنظيفها وارجاع الأمور إلى نصابها.
والواقع ان توقف السوق خلف فراغا اقتصاديا واجتماعيا مهولا عانت مختلف شرائح سكان المدينة من مخلفاته وهو ما يفرض على كل فعاليات المدينة المدنية، الاقتصادية، الإجتماعية، السياسيةوالترابية بلورة رؤيا شمولية واضحة ومستقبلية لتنمية مدينة مولاي إدريس زرهون، تنمية شاملة، وذلك بوضع مخطط للتنمية المجالية، يأخد بعين الاعتبار نقط قوتها ومؤهلاتها الطبيعية والبشرية واكراهاتها ونقط ضعفها، ومحيطها يتم في سياقه اختيار المكان المناسب للسوق الأسبوعي بشكل يعيد تشكيل التكامل الذي ظل يطبع علاقة مدينة مولاي إدريس زرهون والدواوير المحيطةبها من الجهات الاربع.
جزارو مدينة زرهون يتهمون باشا المدينة بعرقلة التنمية وإغلاق باب الحوار
وفي هذا السياق ، فان من يزور هذه الأيام مدينة زرهون ويدخل وسطها، سيكتشف دون عناء أن أشهر وجبة تميز المدينة وتختص في تقديمها عدد من المطاعم أصبحت مفقودة ورائحتها الشهية التي كانت تعبق المكان اختفت تماما. إنها وجبة “الكفتة المشوية” ذات الطعم الخاص والمتفرد التي لا يمكن لأي زائر أن يغادر مدينة مولاي ادريس دون أن يتناولها.
لم يحدث منذ عقود على الأقل أن توقفت المطاعم المحلية عن تقديم الكفتة وجبة رئيسية، بل وجبة وحيدة في بعضها، يتهافت عليها الزوار والمقيمون على حد سواء، فما الذي حصل يا ترى حتى اختفت الأكلة الأكثر شعبية في زرهون؟
تعود الحكاية الى ما قبل عيد الأضحى، حيث قررت السلطات المحلية وقف العمل بالمجزرة البلدية للمدينة بسبب عدم ملاءمتها للمعايير الصحية التي أصبح القطاع يخضع لها، واقتصار عملها على يوم واحد في الاسبوع. ورغم صعوبة هذا القرار على تجار اللحوم الحمراء بالمدينة (الجزارون)، فقد التزموا به على أمل قيام المسؤولين بإصلاحها وفق المعايير الجديدة في اقرب وقت كي تعود للعمل بشكل طبيعي، يقول احد الجزارين الذي رفض ذكر اسمه، غير أن عملية الإصلاح لم تتم بعد عدة شهور وتحول الوضع الاستثنائي وضعا دائما، يضيف نفس المصدر، خصوصا بعدما أكد رئيس بلدية زرهون للجزارين جاهزية الميزانية المخصصة للإصلاح منذ مدة، لكن باشا المدينة الذي يفضل الاشتغال من إقامته، قد رفض مرارا استقبال ممثلي الجزارين لمناقشة المشاكل والحد من تفاقم تداعياتها، كما يرفض استقبال المواطنين، ضاربا عرض الحائط كل التعليمات والإجراءات التي تستهدف تقريب الإدارة من المواطنين والمقاربة التشاركية التي يلح عليها ملك البلاد في كل خطبه السامية .
وفي هذا الصدد ، اضطر العشرات من التجار إلى تنظيم مسيرة احتجاجية بداية الأسبوع الماضي، حول مشكل المجزرة والسوق الأسبوعي للمدينة والمنطقة بعدما أعلن الجزارون إضرابا عن العمل تسبب في توقف عمل المطاعم واختفاء أشهر أكلة في مدينة زرهون، دون أن يبدو في الأفق القريب حل مقبول لمشكل المجزرة البلدية والسوق الأسبوعي، مما جعل المعنيين والسكان يعلقون آمالهم على مشروع المدن العتيقة التي يتداولون بشأنه تخصيصه ميازنية محترمة لإنقاذ العاصمة الأولى للدولة الإسلامية بالمغرب من المشاكل الكثيرة التي تتخبط فيها وتنعكس على سكانها معاناة وتشكل عرقلة واضحة أمام نهوضها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياحي.
المصدرقناة العرب تيفي المغربية