الكاتبة : صفاء مراد
قناة العرب تيفي – القاهرة : تعاني السينما المصرية من تراجع ملحوظ منذ عام 2011 وحتى الآن وكحال الصناعة في العالم أجمع ، زاد التراجع بشكل أكبر مع ظهور فيروس الكورونا المستجد.
ورأينا نجوم السينما يتجهون إلى الشاشة الصغيرة لضمان تواجدهم على الساحة الفنية والحفاظ على مهنتهم – التي هي مصدر رزقهم بالطبع-.
كما ذهب العديد من الفنانين إلى المشاركة في الأفلام القصيرة لضمان تواجدهم في تاريخ السينما ولو بشكل مختلف وربما أيضا لأن الأفلام القصيرة قد تحقق ملاذهم وتفرغ طاقاتهم التمثيلية بعيدا عن ما تفرضه ظروف الصناعة .
وازدهرت صناعة الأفلام القصيرة في مصر بشكل ملحوظ الأعوام الماضية ، ففي العام الماضي – ولأول مرة- حصل المخرج المصري سامح علاء على السعفة الذهبية في مهرجان كان عن فيلمه القصير ستاشر.
ومما يميز صناعة الأفلام القصيرة الحرية والجرأة في اختيار موضوعاتها ، فلا سوق تجاري يفرض عليك موضوعات ولا مجتمع يُراقب أفكارك وينتقدك بذريعة أنك المؤثر على الأفكار والمروج إلى الأفكار السلبية التي ستؤدي إلى انهيار منظومة المجتمع …وغيرها من التهم التي نقرأها يوميا على صفحات التواصل الاجتماعي.
وبمتابعة الأفلام المصرية القصيرة التي عرضت بالمهرجانات المصرية الكبرى منذ عام 2020 وحتى الآن مع اختلاف موضوعاتها ، يُلاحظ المشاهد أن المرأة أو الفتاة المصرية باختلاف طبقتها وعمرها هي أحد أهم الموضوعات التي شغلت صناع الأفلام القصيرة الأعوام القليلة الماضية ، وفيما يلي نسرد بشكل سريع نماذج لبعض هذه الأفلام :
-فيلم ستاشر – إخراج سامح علاء
فيلم ستاشر أو أخشى أن أنسى وجهك ، الفيلم حصد السعفة الذهبية بمهرجان كان – كما ذكرنا سابقا- وعُرض بالعديد من المهرجانات الدولية الكبرى بالخارج وحصد العديد من الجوائز الهامة، أما في مصر فقد حصل على جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الجونة السينمائي في دورته الرابعة .
الفيلم يستعرض شخصية الشاب المراهق آدم والذي يودع حبيبته بعد انتحارها بإرتدائه للنقاب وذهابه إليها وينظر إليها نظرة الوداع الأخيرة.
الفتاة التي نستمع إلى صوتها في رسالة صوتية سابقة لحبيبها تخبره فيها عن معاناتها من قهر أهلها وحبسهم لها لمعرفتهم بقصة حبهما مما تسبب في انتحارها بسبب القمع والسلطة الأبوية التي يفرضها المجتمع عليها.
-لما كان البحر أزرق – إخراج عمرو السيوفي
عرض الفيلم مؤخرا ولأول مرة عالميا في مهرجان أسوان لسينما المرأة في دورته الخامسة والتي انتهت يوم 29 يونيو الماضي.
الفيلم عن امرأة وأم تقليدية في الأربعين من عمرها تعاني من شعورها بأن أولادها المحيطين بها لا يشعرون بها لأن الأجهزة الإلكترونية أصبحت تلازمهم طوال الوقت فتشعر بفناء عمرها من أجلهم ولكن بلا جدوى ، فتحاول الحصول على وظيفة جديدة أو إشغال وقتها بالراديو بينما هم منشغلين عنها دائما.
تجسد هنا الممثلة هبة عبد الغني أم في حيرة بين الماضي والحاضر ولكن من وجهة نظر مختلفة ، فالمخرج عمرو السيوفي ابتعد عن صراع عادات وتقاليد المجتمع وأبرز مشكلة أخرى في اختلاف الزمن والأجيال.
عام 2006 جسدت الفنانة هند صبري فيلم صباح الفل للمخرج شريف البنداري والذي صور ببراعة يوم في حياة إمرأة عاملة ومؤخرا عام 2020 صنع لنا المخرج شريف البنداري فيلما جديدا عن فتاة تبلغ عامها الثلاثين ، العمر الأكثر الحيرة لأى فتاة وهو عام القرارات الحديثة بلا منازع ، استعرض المخرج الشخصية وهى تقرر بداية عمل مختلف ترى نفسها به والبحث عن موهبتها والاستسلام لها ولكل متطلباتها كما يبرز المخرج حيرة الفتاة التي تركت حبيبها دون أى سبب منطقي ، وترك لنا الخيال لفهم شخصيتها فربما هى تخشى الاستقرار ، العديد من التناقض في الشخصية ولكن المؤكد أننا أمام فتاة تبحث وتستكشف ذاتها.
-فيلم الحد الساعة خمسة – إخراج شريف البنداري
جذب المخرج الحديث عن إمرأة سودانية تعمل حنانة تنتقل بين المنازل ، وذلك الإختيار الذكي لم يكن فقط للحديث عن إمرأة عاملة أو عن الأقليات ، فقد أمتعنا الفيلم بتوثيق مميز لليلة الحنة في الطبقة المتوسطة وطريقة الفتيات في التعبير عن فرحتهن ولم يغفل أن يرينا جانب الغيرة الذي تحتويه العروس وصديقاتها والتناقض الشديد لكل أفراد الأسرة ، والمعاملة السيئة التي تجدها المرأة السودانية لأنها من الأقليات .
الفيلم عرض بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الثانية والأربعين ، أما عرضه العالمي الأول كان بمهرجان كليرمون فيران بفرنسا ، وشارك بالعديد من المهرجانات الدولية الهامة وحاز على ما يقرب من عشرين جائزة دولية هامة.
-فيلم توك توك ،إخراج محمد خضر
إمرأة يتركها زوجها فتقرر العمل كسائقة توك توك للإنفاق على أولادها ووالدتها وأخيها وتتعرض للعديد من المضايقات والتي تنتهي بالديون الطائلة وحرق التوك توك .
ورغم أن الفيلم أحداثه تشابكت حتى أننا نشعر بأننا فيلما روائيا طويلا وليس قصيرا وهو مايقع فيه الكثير من المخرجين في أن يكن الفيلم القصير قصير زمنيا فقط ، ولكن الفيلم تميز في إختيار الممثلين وتدريبهم وبالأخص بطلة الفيلم إلهام وجدي ، كما أننا أمام فيلم تبدو ميزانيته جيدة لصنع فيلم قصير.
الفيلم عرض في مصر بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير وحصل على الجائزة الفضية كما عرض في مهرجان كليرمون فيران ببرنامج وجهات نظر أفريقية.
ومن عرض تلك النماذج بشكل سريع والتي يمكننا عرض أكثر منها ، مع الأخذ في الاعتبار أن المخرجين السابقين كلهم رجال ونعي جيدا أن المرأة وقضاياها في مصر هي أحد أهم القضايا التي لازالت وستظل تجذب صناع الأفلام حينما تتسنى لهم الفرصة لطرح قضاياهم بشكل حر دون قيود.
المصدر: قناة العرب تيفي