الكاتب : الحبيب ناصري
منذ الوهلة الأولى، ستبدو لنا العلاقة شاسعة وربما متنافرة بين مكوني العنوان. قد نتساءل ما العلاقة بين الأدب وشعبة علوم الرياضيات ؟. لن أفعل ما تفعله بعض وسائل الإعلام في زمننا هذا، حيث تصنع عناوين غايتها، التحكم فينا وجعلنا “نتلصص” على ما تنشره لغاية في نفس يعقوب. منذ البداية أقول لكن ولكم، إن مستقبل الدرس الأدبي في تعليمنا المغربي، بين يدي شعبة علوم الرياضيات. كيف.
متعلمو شعبة الرياضيات من أجمل وألطف الفئات العمرية التربوية المغربية. هي فئة ليست كباقي الفئات الأخرى (ملحوظة استخلصت من تراكم تجارب عديدة). فئة راغبة في التعلم. لها أخلاق عالية ومحبة للفنون والثقافة ككل. فما السبب في رأيك عزيزتي/ عزيزي القارئ؟. أكيد ستكون لدينا أجوبة متعددة. هذا موضوع تفكير، بل، موضوع ندوة فكرية/تربوية. لماذا درس الأدب يكون جميلا هادئا ومتميزا ونحن أمام متعلمي شعبة الرياضيات ؟. ولماذا لا يكون له نفس الطعم أمام متعلمي شعبة الأدب وما بينهما من شعب عديدة كالاقتصاد والعلوم الفيزيائية والبيولوجية، الخ ؟. بكل صدق سؤال له قيمته ووزنه وحيرته؟. لماذا هذه الفئة لها قابلية للتعلم وتكتسب أخلاقا عالية على مدار كل خطوات تعلمها ومنذ جلوسها في القسم الأول لشعبتها وحتى تكمل دراستها وفي آخر مرحلة من مراحل تعلمها؟. هل الفضل يعود الى ما تتركه الرياضيات في “دماغ/عقل” هذه الفئة من سلوكيات تربوية وفكرية ومنطقية وتأملية، الخ؟. كل ما أعرفه وأنا متأكد منه ان قراءة نص شعري أو نص نثري ينتمي لجنس ما، وشرحه وتحليله أمام تلميذ واحد أو أمام ألف تلميذ في قسم من أقسام التعليم الثانوي أو أمام ألف من طلاب هذه الشعبة في مدرج بالكلية، غاص بهم، سيكون مختلفًا وأمام أي شعبة أخرى !. أهل شعبة علوم الرياضيات لهم قابلية وعشق للأدب وفنونه بل لهم قابلية لتعلم كل ما يقدم لهم . ان أجمل مستقبل للدرس الأدبي هو بين يدي هذه الفئة التي لا تلتفت حتى لما ترتديه من البسة . لهم تواضع في كل شيء !. يبدو لي أنهم بمثابة مفتاح للبحث عن حلول تربوية عديدة. خلاصة كلامي، أهل شعبة الرياضيات كائنات من زمن تربوي آخر. لهم طعم خاص!
د.الحبيب ناصري : كاتب مغربي
المصدر: قناة العرب تيفي