
ثقافة وفن : السينما بين المصارحة و المصالحة…
(العرب تيفي ) – الرباط – محمد مجاهد – كلما كان حديثنا سينمائيا ، كلما تطور الحديث عن التأليف و اﻹخراج و اﻹنتاج . و الفرق أن التأليف و اﻹخراج مرحلتين رئيسيتين في بناء المشهد السينمائي ، أما اﻹنتاج ليس هو مرحلة ولكن تدخل مادي محض في توفير العدة التي نحتاج إليها في اشتغالنا و التي تصاحب المخرج في إبراز رؤيته الفنية اﻹبداعية ، هكذا تتجسد العلاقة الوطيدة بين اﻹخراج و اﻹنتاج ، و التي قد تغيب خلال مرحلة التأليف ، حيث لا يحتاج المؤلف إلا لفكره الواسع و مداده المنساب دون ملل أو كلل ، في المقابل يكون المخرج في أمس الحاجة إلى المؤازرة المادية من طرف المنتج ،و هي التي تمهد له الوسيلة في استخراج مكنونه الفني إثر قراءته للرواية السينمائية ،و هذا اول عائق يثير خوف المخرج ، إذ ينبغي عليه أن يبحث بجد عمن يتكفل له بهاته المهمة اﻹنتاجية الصعبة ، و لاشيء يمكنه فعله غير عرض السيناريو كما هو كتوب على اللجن و الجهات المعنية التي تساعد بدعمها اﻷولي ،و عليه قبول أي جواب في انتظار مواصلة البحث مع جهات و أشخاص آخرين
المخرج إذن دائم الحاجة إلى اﻵخر في الاشتغال السينمائي ، هو محتاج إلى المؤلف لكي يحصل على المادة الخام – السيناريو – و هو محتاج إلى المنتج لكي يحصل على المادة اﻵلية أو لتشغيلها من اجل إعادة تركيبة السيناريو في قالب إبداعي فني مرئي . و هذا ما جعل بعض المخرجين يحاولون الجمع بين هاته المهام ، لكن هو جمع خاطئ في كثير من اﻷحيان ، خاصة لما يكون المخرج همه فقط التقليص من النفقة أو استعظاما منه لنفسه التي يرى فيها مؤلفا بغير فكر مؤلف و منتجا بغير وسيلة إنتاج . سبق القول في مناسبات أخرى أن الجمع بين كل هاته المهام لدى نفس شخصية المخرج لا عيب فيها مع توفير اﻷهلية ، لكن في غياب هاته اﻷخيرة يبقى المخرج مخرجا لا علاقة له بأي صفة أخرى .
يجب على المنتج ان يكون رهن إشارة المخرج في كل متطلباته ، لا يمكن بأي شكل من اﻷشكال للمخرج ان يتنازل عن مكانته السينمائية ، و ما دام المنتج يعد نفسه مستثمرا فعليه أن يبذي ثقته السينمائية في المخرج كما هو الحال عند المؤلف ، لذلك كان من حقه التعامل مع من يطمئن له من المخرجين ، و عليه أن يختار من بينهم مستمتعا بحرية القبول و الرفض لﻷعمال التي قد تهمه من غيرها .